التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ميثاق ولكن ..(مساء الخير يا صديقي)

الدموع كانت تسقط بهدوء عجيب على طرف المكتب ثم تتسلل إلى الارض حيث لا استطيع أن ارها أو اسمع صرختها الأخيرة، اغلقت الصفحة وحاولت ان امسح دموعي لاستعيد هدوئي ثانية، لم اكن قد انتبهت أنه هنا الا عندما عادت حواسي للحياة، تسلل إلي دخانه وعطره ووجوده المهيمن في الغرفة॥
 - تبكين ؟
 - كنت فقط أقرأ شيئا ما ...
 - أنا هنا منذ أن بدأت القراءة
 تطلعت إليه، ملامحه المتعبة، الهالات السوداء، السعلة، وشيء ما مقلق في نظرته وكأنه يتألم بعمق كأن في صدره رصاصة، قلت وقد نسيت ما بي
 : انت بخير ؟؟؟
 ابتسمت ملامحه بصعوبة، كانت سخرية مريرة تلمع في عينيه، ادركت ما اراد أن يقول فابتسمت أنا أيضا
 : لعلي مثلك على الجانب الاخر من الحياة ...امشي وفي اضلاعي تسكن رصاصة ان تحركت مت وان بقيت مت...وإن...
 - اتساءل أحيانا أن كانت تلك رصاصة في الاضلاع ام في الرأس ؟؟ قالها بغمزة من عينه تشير الى سخريته
 - هل تعتقد أنني مجنونة ؟؟
 كنت اتحدث بجدية وهدوء وكان الالم قد بدأ يخف عن ملامحه، وكأن جرحا ما يلتئم في جسده॥
 - افكر احيانا لو انني لم اخرج في ذلك اليوم، لم اشغل محرك السيارة ولم ينتج ذلك الدوي الهائل ولم...رفعت يدي اشرت له بالصمت، دائما تصيبني تلك الذكرى باحساس يشبه انقباض حاد يعقبه هدوء غريب، كأنني استعيد لحظة الانفجار॥
- افكر احيانا لماذا استدعيك ؟
- هذا ليس صحيحا...
نظرت إليه، كان يفكر بشيء ما، أو هو غاضب من شيء ما॥
- تأتي وحدك !
حاولت أن ابتسم أن أحرك هواء الغرفة ليستعيد عافيته ..
- بماذا كنت تفكرين ولماذا هذه الدموع ؟؟
ابتسمت له بخجل، لا استطيع ان اتهرب من الاجابات المباشرة على اسئلته لقد بات يعرف كل ما يدور بخلدي بل انه يفهمني دون ان اتحدث من نظرتي او حركة شفتي او حتى من محاولتي تغيير الحديث
-  كنت افكر بك ... أما الدموع فصدقني لم انتبه لها ولا اعرف لماذا تحضر احيانا وكأن ما اقرأه يلتصق بروحي ويجعلها تستجيب له دون ادراك مني...
-  لنعد اذا الى كتابك
- دعنا من كتابي واخبرني هل انت نادم ؟
- على ذلك الانفجار البهي ؟؟
- بهي ؟؟
- نمشي دائما لاشتعالنا الاخير مثلما تفعلين الان ...
- لا نستطيع ان نوقف الزمن لكننا نستطيع أن نحب الحياة
- عايدة ....
- نعم
ابتسم ولم يقل شيئا فنهضت عن مكتبي واعدت الكتاب الى مكانه من المكتبة ثم اشعلت موسيقى حالمة وعدت لاجلس متربعة على السرير
- والان .... لماذا حضرت
- عندما قال عبد الوهاب منذ ايام ان حواراتنا جميلة وكانها حقيقية ثم استدرك هي ليست حقيقية !....
-  نعم اذكر انني ضحكت من كل قلبي ...ربما ظن انني مجنونة واتخيلك احيانا  ههههههههههههههههه ...
وقف امام المرآة التي كنت اقف امامها منذ لحظات فلم ارى انعكاسه فيها ورأيت الستارة .... لم اعلق بل قلت له " "إن حياتي و موتك يلتحمان بصورة لا تستطيع أنت و لا أستطيع أنا فكهما.."1 نظر الي كانه يفكر بأمر ما فقلت له : هي كلماتك انت ...
- أنتَ صديقي الرائع....ترى لو كنت أعي ما حدث في ذلك اليوم هل كنت سأجن لانك ....
-  مت ؟ ....
لم انظر اليه مباشرة، لم يدرك وقع الكلمة الصاعق عليّ، أحيانا لا يدرك أحبتنا أنهم يقتلوننا بكلمات يظنون أنها مسلية أو لا تعني الكثير....
- هل يزعجك استدعائي لك أحيانا ؟؟؟
- الحقيقة أنني لم افكر أن احدا سيفكر بي بعد كل تلك السنوات وبهذا الشغف الغريب....
-  انا لست كأي (أحد) ... أنا فقط عايدة ...
ابتسم بمرح ثم قال مركزا نظره علي..:ماذا كنت تقرأين ...
ابعدت عيني عنه، نظرت إلى المكتبة ترى هل انتبه انني كنت اقرأ بعضا من كلماتي وروحي  موضوعة بعناية بين دفتي كتاب ؟؟
كرر سؤاله فلم اجد بدا من الاجابة ....ذكرت عنوان الكتاب فلم يعلق لكنه قال هذا عنوان مثير للاهتمام.....
لم اشأ ان اتحدث عن الكتاب فقلت له : سأغيب قليلا وأعود....
حين عدت لم أجده لكني وجدت الكتاب الذي كنت اقرأ فيه مفتوحا ومقلوبا ... كانت كلمة في الكتاب لم ارها قبل الان تومض بشكل غريب....

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ميثاق ولكن .....

كان يجب أن أتحدث إليه حول موضوع الميثاق الذي طرحة أخي العزيز عبد الوهاب.. كنت قد فكرت أن أكتب الميثاق كما فعل شعرا ...أو نثرا أو ... لكن هل كتبته ؟؟؟ لا نحتاج لمواثيق للكتابة ولا للقراءة هذا ما تعلمته وهذا ما حدث ..! فكرت أن نجلس معا لأناقشك في موضوع هذا الميثاق لكنك ابتسمت ... قلتَ لي لا أؤمن بمن يكتب ميثاقا.. ولا من يطلب مني أن اعيره قلماً فالأول يبدأ بالتراجع في ذات اللحظة التي ينهي كتابة ميثاقه فيها والثاني لا يعيد إليك قلمك أبداّ... وقلت : أنا حساس جدا من هذا الأمور... ومضيت تدخن بشراهة وأنت تشعر بأن السكري يلتهم جسدك رغما عنك أما روحك فهي ملك للكون الذي تعده لغيابك ... كون كامل سيذكرك بعد أن تغيب.....صرخت فرحة لقد وجدتها.. قلتَ لي : ماهي ؟؟ : الكون الذي سيذكرك حين تغيب ! : بدأت تتحدثين متأثرة بي ... أليس هذا ما شرحته لها حين كتبت لها عن المسرحية التي اكتبها ؟؟ قلت لك بعناد : لا ليس هذا.. أنت قلت أن النبي يستر الرأس من الداخل والقبعة تستره من الخارج لذا اسميتها (القبعة والنبي) ... وهنا أن اتحدث عن الكون الذي سيذكرك.. نظرت إليك... كان وجهك محتقنا وسعالك يشبه روحا مجروحة.. قلت لك :

مساء الخير يا صديقي (...

- تبدين متعبة .... رفعت رأسي فوجدته يجلس على مقعد أمام مكتبي تماما لولا انني اضع شاشة الحاسوب بطريقة جانبية لكانت اخفته عني، لم أجبه التفت الى الصورة على المكتب تأملتها قليلا... لم اكن ادري بماذا افكر الان، كنت اشعر بالتعب فعلا ذاك الذي يغزو تفاصيل عينيك وحنجرتك وكامل جمجمتك ويتركك بحالة من الخمول لا تدري بماذا تفكر أو بأي إتجاه تسير، ابتسمت بعناء... لم اكن ادري حقا أي جواب اراد... - نعم انا كذلك.... امسكت ما يشبه جرة صغيرة أضعها على مكتبي وضعت يدي عليها وانحنيت فصعدت من خلاياي الذكريات فلم استطع منع دموعي، لكني رفعت رأسي نظرت اليه حاولت ان لا اريه الدموع، تحرك قليلا بحث في جيبه عن سيجارته الملازمة .... - تبدين في نفس الحالة... اتذكرين ؟؟؟ نظرت اليه بحيرة فقال : عندما التقينا لاول مرة .... اتذكرين ؟؟؟ : ياه مر دهر على ذلك كيف لازلت تذكر ؟ امسك بالجرة  تأملها قليلا ثم وضعها جانبا.... وجوده جعل دموعي تجف وجعل قلبي يتململ قليلا فيتحرك فيه الهواء ... : يلتبس الزمن عليّ احيانا فلا اجد هناك فرق بين الماضي والحاضر ... المستقبل لا اعرفه لكني اعرف أنني دائما سأقابلك : مرت سنوا
عندما خرجت هذا المساء لم أكن أتوقع أن التقي بأحد، بل أنني تعمدت أن اترك هاتفي المحمول في البيت رغم معرفتي انني لن اتلق اي مكالمة من أحد، كلما شعرت بالاختناق ذهبت اليه، صديقي الازرق الجميل الذي لم يخذلني او يخيّب ظني به أبداً، لهذا كان لقائي به على رمال الشاطئ مفاجأة اخرى تشبه هدية عيد غير متوقعة، نسيت حواري مع البحر، ونسيت دموعي ونسيت كل شيء الا رغبتي بعناق يلئم هذا الصدع الذي اشعر به في قلبي، مما جعله يضحك وهو يخفف من قبضة ذراعي على عنقه لينظر في عيني غير مصدق هذه اللهفة غير المتوقعة من كلانا... : ما بك ؟؟  اتى صوته بعد فترة طويلة وكأنه احترم هذه الحاجة الماسة للعناق، الى جانب اختفاء صوت الموج، ذهول البحر مما يرى، كأن الزمن توقف على حافة ما قبل ان تعود دورة الحياة الى ما كانت عليه،  حركة سينمائية مدروسة بعناية لتوقف كل شيء حتى نبض قلبي ودموعي، سعاله وهدير البحر، اخيرا سمعت كلمته دون ان ادرك اي بُعد ذاك الذي حملها اليّ... ( ما بك ؟)  التقطت انفاسي، ابتعدت عنه قليلا، تأملت ملامحه التي لا تتغير لكنها تكتسي بتعابير مختلفة في كل مرة اراه فيها، اليوم بدا اكثر شبابا من قبل، اكثر نشاطا ك